الثلاثاء 23 أبريل 2024

السياحة الداخلية في “الميزان”.. مسافة الألف ميل تبدأ بخطوة

ⓒ 199837523_511038080133533_8881691227816274760_n

تستعد العائلات الجزائرية لحزم أمتعتها خلال شهر جويلية ، مباشرة بعد الإعلان عن نتائج الامتحانات المصيرية ونهاية الاختبارات الاستدراكية، للتوجه إلى الولايات الساحلية لقضاء عطلتها “مجبرة لا مخيرة” هذه المرة بالجزائر، بسبب الإجراءات الاستثنائية المتخذة في إطار الحد من انتشار الكورونا كوفيد 19 ، بعدما كانت الوجهة سابقا خارج الوطن.

وفي السياق، تتجه الأنظار إلى ما ستحتمله الوكالات السياحية من برامج وعروض ترويجية تزامننا وعطلة الصيف، راهنت فيها هذه المرة على السياحة الداخلية التي عانت “الأمرين”، بسبب أجراءت الغلق التي فرضها الوباء مند عاميين متتاليين، سعيا منها لضمد “الجراح” التي تسبب فيها الوباء فأغلق الفنادق والوكالات وأحال العمال فيها إلى العطلة “الإجبارية”…وبين هذا وذاك، فتحت” الإخبارية” ملفا حول السياحة الداخلية في زمن الكورونا وما ستحمله هذه الأخيرة من رهانات وتحديات في فرصة “ثمينة” منحها الوباء من أجل استعادة الزبائن الذين غادروها باتجاه مختلف بقاع العام.

لا تركيا ولا تونس.. الجزائر أولى

فرض وباء كورونا كوفيد 19، قانونه ” إجباريا” على الجزائريين كما غيرهم من سكان العالم، بعد غلق الحدود واتخاذ إجراءات “احترازية” و”خاصة” للحد من انتشاره، وعلى غير العادة سيتجه الجزائريين إلى مختلف ولايات الجمهورية هذه المرة وللسنة الثانية على التوالي، لقضاء عطلتهم الصيفية، حيث غابت تركيا، تونس، اليونان ومصر…وغيرها من الوجهات الساحلية ، غابت عن أجندة الجزائريين وبقيت معلقة إلى حين، و ستكون الوجهة هذه المرة” بلادي” بشعار ” الجزائر أولى من غيرها”.

“عائلة حاضري ” بالعاصمة، اعتادت قضاء عطلتها الصيفية بتونس، وللمرة الثانية على التوالي ستتجه إلى الولايات الساحلية، تتحدث أحدى إفرادها ل” الإخبارية”، وتقول أن الجائحة غيرت الكثير من السلوكيات والعادات التي كانت تمارسها خلال فصل الصيف، على غرار التوجه إلى تونس لقضاء عطلتها الصيفية، مضيفة إنها اكتشفت جمال ولايتي وهران وعين تموشنت السنة الماضية لما تزخره من مناطق خلابة بامتياز، واليوم تستعد للقضاء عطلتها في الولايات الشرقية هذه السنة.

وفي السياق، ولهذا الغرض، باشرت الوكالات السياحية مؤخرا في التحضير لإطلاق عروضها الترويجية لاستقطاب السياح في إطار النهوض بالسياحة الداخلية، بعد انفراج الوضع الصحي بالبلاد ولو “نسبيا” ورفع القيود ضمن مخطط الحكومة في الحد من تفشي الوباء كورونا كوفيد 19, حيث سطرت برامج ثرية وعروض “مغرية” لاستقطاب الجزائريين ونفض الغبار عن السياحة الداخلية، لما لها من مقومات هائلة تزخر بها عبر كل الولايات.

نصيرة مومن: “الجزائريون مجبرون على قضاء عطلتهم هنا، وهذه عروضنا”

أكدت نصيرة مومن، صاحبة وكالة سياحية بالجزائر العاصمة، إن “الجزائريون مجبرين للسنة الثانية على التوالي لقضاء عطلتهم الصيفية بالجزائر”، مشيرة إلى أن “الوكالات السياحية سطرت برامج متنوعة وعروض مغرية لإرضاء الزبائن بعد عودتهم لأحضان السياحة الداخلية”.

وأضافت مومن في تصريح ل” الإخبارية”، أن موسم الاصطياف سيفتتح رسميا الخميس الفاتح جويلية، وسيبدأ العمل على قدم وساق من أجل إنجاح هذا الموسم، حيث سطرت لهذا الغرض الوكالات السياحية برامج مختلفة ومتنوعة على الواجهة الغربية والشرقية وحتى الساحلية للعاصمة، وسيتم التركيز على فنادق عائلية تابعة للقطاع العمومي، بالنظر إلى الأسعار التي عرضتها هذه الفنادق والخدمات التي تطرحها تعد مقبولة بالنظر إلى أسعارها.

وشددت المتحدثة ذاتها، في هذا السياق، على أن ” الوكالات السياحية أمام فرصة ثمينة لاستعادة ثقة الجزائريين لقضاء عطلتهم في الجزائر بأسعار تنافسية وخدمات مقبولة”، وبخصوص الوجهات السياحية التي يكثر الطلب عليها، أكدت المتحدثة ذاتها، أن “جمال الجزائر لا يمكن أن يحدد في وجهة أو منطقة، كل واحدة من هذه الأخيرة ولها خصوياتها، وكل عائلة ورغبتها في الوجهة التي تفضلها.

الرحلة تبدأ من ساحة أول ماي، والوجهة أنت سيد قرارك

تصطف منذ الساعة السابعة صباحا، عشرات الحافلات لنقل الجزائريين بساحة أول ماي بالعاصمة-على سبيل المثال لا الحصر-، إلى وجهات مختلفة من ربوع الوطن، وهران، تلمسان، عين تموشنت، بجاية، القالة، سكيكدة وعنابة..وغيرها من الوجهات السياحية ، ضمن برامج مسطرة من الوكالات السياحية، التي راهنت هذه المرة على السياحة الداخلية بامتياز.

وأعدت لهذا السياق، وكالة “باست تيم” سياحة وأسفار، عروض ترويجية مغرية لعنابة والقالة ، وهو الحال نفسه بالنسبة لوكالة “ترافل تور” للسياحة والإسفار، برامج لتلمسان مع احترام البروتوكول الصحي والى بجاية وسكيكدة أيضا، ضمن جولات إلى مختلف الولايات.
وأكد في هذا السياق، محمد صاحب وكالة سياحية بساحة أول ماي بالعاصمة ل” الإخبارية”، أن المواطن حر في اختيار الوجهات السياحية التي يريدها وما علينا سوى تسهيل عملية اختياره وفق المعايير التي يطلبها، بأخذ عين الاعتبار عدد أفراد العائلة ومدة الإقامة ونوعية الفنادق التي يطلبها وحتى الأسعار، ولم ينف صاحب الوكالة ذاتها، تدني الخدمات المقدمة ببعض المؤسسات الفندقية، مشددا على أن هذه الفنادق أمام فرصة ذهبية اليوم يجب عليها أن تعمل جاهدة لإرضاء الزبون .

محفوظ كاوبي: “القطاع أمام فرصة ذهبية للنهوض به بعد سبات عميق”

أكد الخبير الاقتصادي، محفوظ كاوبي، أن” السياحة الداخلية هذه السنة ستكون مفروضة على الجزائريين، باعتبار أنهم مجبرين على قضاء عطلتهم بالبلاد، في ظل إجراءات التعجيزية التي تبقى معقدة و تفرض عليهم التوجه لقضاء عطلتهم السنوية بالجزائر.

وأضاف كاوبي، في تصريح ل” الإخبارية”، أن السياحة الداخلية أمام تحدي كبير وفرصة أكبر من أجل استعادة زبائنها التقليديين، والعمل على النهوض بالقطاع الذي يشهد ركود كبير في الفترة الأخيرة بسبب الوباء كورونا كوفيد 19، لاسيما وأن القطاع السياحي يعد من بين القطاعات التي تؤثر في الاقتصاد الوطني وتساهم في المداخيل، مشيرا إلى أن التمكن من الحصول على حصص السوق الوطنية في قطاع السياحة، طبعا يمر عن طريق تحسين الخدمات التي تبقى غير مقبولة مقارنة بالدول الأخرى، بالنظر إلى أن القطاع عان من الفساد والركود الذي عرفته السنوات الماضية.

وشدد الخبير الاقتصادي ذاته، على ضرورة استغلال هذه الفرصة التي أتيحت للوكالات السياحية والمؤسسات الفندقية من أجل النهوض بهذا القطاع وبالتالي زيادة المداخيل، مضيفا “يتعلق الأمر بزيادة المشاريع السياحية ودعم وتحسين الخدمات المقدمة للزبون”.
وفي السياق، نوه كاوبي، إلى “أن الدول الأخرى التي تساهم فيها السياحة الداخلية في الناتج الداخلي الخام وتأثيرها على اقتصادها، مردفا” الجزائر تنتظر الدعم الكبير للنهوض بقطاعها السياحي، باعتبار أن نسبة المساهمة بمداخيلها تعد ضعيفة مقارنة بالمؤهلات التي تملكها الجزائر”.

قرار: “الرقمنة محرك أساسي للنهوض بالسياحة الداخلية ولابد من استغلال “السوشيال ميديا”

ينشط عشرات الشباب يوميا على منصات التواصل الاجتماعي، خاصة “الفايس بوك”، “الانستغرام” و”اليوتوب”، من خلال الترويج للسياحة الداخلية وجمال المناطق التي تزخر بها البلاد، بشعار “اكتشف وتمتع”، وينشر يوميا هؤلاء الناشطون في مجال السياحة على صفحاتهم وقنواتهم على اليوتوب، صورا وفيديوهات تضم مختلف المناطق السياحية بالجزائر، سعيا منهم لإبراز جمال البلاد ودعم السياحة الداخلية.

ويحصد هؤلاء الناشطون ملايين المشاهدات اليومية من خلال هذه الفيديوهات، وهي خطوة اعتبرها المختصون” جيدة” للترويج للسياحة الداخلية، ويؤكد في هذا السياق، الخبير في تكنولوجيات الإعلام والاتصال، يونس قرار، أنه” لابد من استغلال مواقع التواصل الاجتماعي في الترويح للسياحة الداخلية”، باعتبار أن مواقع التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها تلعب دور كبير للترويج للسياحة الداخلية بالجزائر، حيث تمكن هذه التطبيقات من إيصال صورة الجزائر إلى أكبر عدد ممكن من الإفراد في وقت قصير.

وأضاف قرار في تصريح ل” الإخبارية”، إن أصحاب هذه الصفحات على “الفايس بوك” و”الانستغرام” واليوتوب يعملون من اجل نشر فيديوهات تحمل الطاقات الايجابية والإمكانيات الجيدة الموجودة بمختلف المناطق الجزائرية الداخلية، داعيا في هذا الخصوص على أن يكون تفاعل واستغلال المواقع الاجتماعية في الترويج للسياحة الداخلية من طرف مختصين لهم الخبرة في الترويج والاتصال والتفاعل أيضا، مشيدا بالدور الكبير الذي يقوم بها رواد مواقع التواصل الاجتماعي الناشطين في قطاع السياحة.

عبد الرحمان عية: “الإرادة السياسة، تحسين الخدمات وتخفيض الأسعار خطوة نحو الإمام”

اعتبر الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان عية، أن القطاع السياحي بالجزائر أمام تحديات كبيرة ورهانات أكبر من أجل استقطاب السياح سواء من داخل الوطن أو غيره، مشيرا إلى أن الإرادة السياسية في خدمة القطاع ستساعد على إزالة العراقيل التي يواجهها.

وشدد عية في تصريح ل” الإخبارية”، أن القطاع أمام تحول كبير يجب استغلالها ايجابيا بالنهوض به، لاسيما من خلال الاهتمام الكبير بتعزيز الخدمات في السياحة، وتخفيض الأسعار ولو مؤقتا، والترويج للسياحة ما سيساهم في جلب المستثر وتطوير القطاع بصفة عامة.

وفي سياق ذي صلة، يطرح العديد من الجزائريين غلاء الأسعار على مستوى الخدمات المقدمة سواء الإيواء أو الإطعام وغيرها، ما يجبر العائلات على إعادة النظر في التنقل لمثل هذه المؤسسات الفندقية.
ودعا المختصون في المجال السياحي إلى تخفيض الأسعار على مستوى الخدمات، ما من شأنه استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح في هذه الفترة الخاصة التي تمر بها البلاد بسبب الجائحة.

الصحراء كنز من ذهب تحت رمال حارة

ويرى المختصون إن الصحراء الجزائرية تعد من بين المناطق السياحية الرائعة التي تستهوي الأجانب والجزائريين بالنظر إلى ما تزخر به من كنوز معلقة بين صخور ورمال مناطقها، يجب استغلالها والترويج لها أحسن استغلال.

ويؤكد المختصون في هذا المجال، أن تصنيف “جانت” من الصحراء الجزائرية ضمن أجمل صحاري العالم، يعد نقطة ايجابية ستساهم في الترويج للسياحة الصحراوية خارج البلاد، حيث يتوافد العديد من السياح الأجانب إلى الصحراء في عديد المناسبات، وتنقل يوميا مئات الصفحات عبر منصات التواصل الاجتماعي، صور لمناطق عديدة بصحراء الجزائر ، جانت، تمنراست، الوادي واليزي وغيرها، للترويج لها، حيث تتلقى ملايين المشاهدات خاصة من خارج البلاد.

ويطرح مختصون، إمكانية استغلال أصحاب القنوات الأكثر مشاهدة على اليوتوب، والانستغرام للترويج لهذه المناطق سواء الصحراء أو حتى الولايات الساحلية، حيث يتوجب التوجه نحو استغلال كل ما من شأنه إيصال الصورة الجيدة للسياحة الداخلية لاستقطاب اكبر عدد ممكن من السياح، وهنا لا توجد أسهل من الرقمنة.

وفي سياق أخر، وبخصوص البروتوكول الصحي، شددت وزارة السياحة على ضرورة احترام البروتوكول الصحي المعد للحد من انتشار الوباء وكذا تفادي تسجيل إصابات محتملة، وأبرزت العديد من الوكالات السياحية التي تحدث إليها” الإخبارية” على ضرورة تطبيقها للبروتوكول الصحي عبر مختلف المؤسسات الفندقية لحماية السياح.

وكانت وزارة السياحة، قد أكدت سابقا أن البروتوكول الصحي الذي تم اعتماده في الموسم السابق، هو نفسه المعتمد عليه حاليا لاسيما ما تعلق بالتباعد وارتداء الكمامات.

 

شارك برأيك

هل سينجح “بيتكوفيتش” في إعادة “الخضر” إلى سكّة الانتصارات والتتويجات؟

scroll top